السبت، 7 يناير 2017

دراسة : استخدامات الوسائل التقنية الحديثة في إنتاج برامج الاطفال بالقنوات التلفزيونية الخليجية الحكومية


https://www.academia.edu/9899047/استخدامات_الوسائل_التقنية_الحديثة_في_انتارج_برامج_الاطفال_بالقنوات_التلفزيونية_الخليجية_الحكومية


الأربعاء، 13 مارس 2013

مقالات في الإعلام






الإعلام اليمني في مرحلة التحولات ، الجزء 2


د. عبدالله علي الزلب




استكمالا لما بدأناه في المقال السابق حول التحديات التي يواجهها الإعلام اليمني خلال المرحلة الانتقالية، نطرح اليوم إشكالية قطاع الإذاعة والتلفزيون للنقاش باعتباره احد اهم فضاءات الإعلام حضورا وتأثيرا في المجتمع اليمني  ...    
والاهتمام بهذا القطاع يفرض نفسه بقوة اليوم في ظل المتغيرات الراهنة عموما وفي سياق التحولات التي يشهدها المجال الإعلامي على وجه الخصوص. والمراقب للمشهد الإعلامي المسموع والمرئي يلاحظ بوضوح أن حالة الفوضى هي السمة السائدة في أنشطته ومضامينه وأن التوظيف السياسي هو الطاغي في برامجه والمهيمن على مضامينها. ويمكن تلخيص أبرز ملامح هذا المشهد كما يلي:
·   تدني مستوى أداء القنوات الوطنية - الحكومية وانعدام الرؤية للقائم بالاتصال فيها تجاه القضايا والأحداث الوطنية الراهنة...
·   ظهور قنوات تلفزيونية واذاعات غير حكومية جديدة، تبث من داخل اليمن وخارجه والسماح لها بالعمل في ظل غياب التشريعات المنظمة للعمل والصراعات السياسية السائدة.
·         سيادة الحزبي والسياسي من القضايا والمواضيع المطروحة فيما يتم بثه تلفزيونيا .
·   طغيان خطاب التحريض والكراهية والإثارة في الخطاب المتلفز في الوقت الذي تحتاج البلاد فيه، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعلام إيجابي بناء يسهم في تجاوز التحديات والمحن التي يواجهها اليمن ونشر ثقافة التسامح والسلام والمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل افضل لليمن.

إن الرهان الأساسي للخروج بقطاع الإذاعة والتلفزيون من هذا الوضع البائس يتمثل بإحداث منظومة مؤسّسية جديدة تقطع جذريا مع أنماط الإدارة السابقة التي جعلت من الإذاعات والقنوات التلفزيونية الوطنية وسيلة للدعاية السياسية والتسلط الفردي وتأمين الولاءات الشخصية وجعلت من القنوات الخاصة مجرد صدى مشوش للصراعات الأيديولوجية والسياسية والشخصية بين الفاعلين السياسيين يتسم بالعبثية والفوضى بعيدا عن كل ماله علاقة بالعمل المحترف والمعايير المهنية. وعملية التغيير لهذا القطاع المهم من مجال محتكر وخاضع لأمزجة عدد من المسؤولين في الدولة، فيما يتعلق بمؤسسة وطنية مهمة مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، إلى مؤسّسة عمومية تعمل في إطار نص قانوني واضح المعالم والأهداف ليس بالعمليّة البسيطة التي يمكن اختزالها في وصفات جاهزة. لكن إحداث تغيير حقيقي إيجابي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون على وجه الخصوص يقتضي شروطا تنظيمية - مؤسّسية وسياسية وثقافية مصدرها خصوصيات المجتمع اليمني والنقاش العام والمعايير المهنية المتعارف عليها عالميا لأنها تكتنز الأفضل من تجارب المجتمعات والدول.     

ونقصد هنا بما وصفناه اعلاه ب"المؤسسة العمومية" المؤسسات التي تعود ملكيتها للمجتمع بكامله، وهي مؤسسات مستقلّة عن السلطة التنفيذية وعن الأحزاب وعن المصالح الاقتصادية للمستثمرين في هذا المجال. وتعتمد هذه المؤسسات في تمويلها، جزئيا أو كليا، على مصادر تمويل جماعية – عمومية مثل مساهمات مؤسسات رسمية وعلى رسوم محددة أو ضرائب يدفعها المواطنون، كما كان سائدا في السابق في دولة الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة، أو مساهمات مجتمعية فردية أو مؤسّسية ذات طابع خيري، كما هو معمول به في الولايات المتحدة، هذا بالإضافة إلى الإعتماد على موارد ذاتية تحققها المؤسسات عن طريق تقديم خدمات فنية وإعلامية واستثمارات في مجال الانتاج فضلا عن الموارد المهمة التي يمكن ان تجنيها من الإعلانات المنظمة في اوقات معينة فقط كما هو الحال في القنوات العمومية الفرنسية. وتختلف تجارب تنظيم المؤسسات الإذاعية والتلفزيونية العمومية بحسب السياقات السياسية والثقافية، إذ يمكن أن تكون هذه المؤسسات ذات طابع مركزي كما هو الحال في بريطانيا (هيئة الإذاعة البريطانيةBBC  ) أو مؤسّسات خاضعة للحكم المحلي كما هو الشأن في ألمانيا (ِARD). وفي أغلب الحالات تعمل المؤسسات التلفزيونية العمومية وفقا لنص قانوني او مواثيق مهنية او ما يعرف لدينا بالسياسة الإعلامية، ينظّم بشكل واضح عملها ويحدّد وظائفها والتزاماتها وآليات الإشراف عليها وتقييمها ومساءلتها.

وغالبا ما يكون بث الإذاعات والقنوات العمومية ذات طابع عام يتضمن مجالات ومواضيع متعددة، والتي  يفترض أن تلبّي كافّة الأذواق والاحتياجات، وأن تكون ذات صلة بالمجتمع وبقضاياه لأنها الإطار الأمثل للنقاش العام وللتعبير عن التنوّع السياسي والثقافي للمجتمع، ممّا يسمح لها بتأمين وظيفة الإدماج الاجتماعي وتعزيز الانتماء إلى الهويّة الجمعيّة. و تهتم الإذاعات والقنوات التلفزيونية في الإطار العمومي بالخصوص بجودة البرامج وتتجنّب المنافسة العشوائية مع القطاع الخاص لاستقطاب الجمهور بشكل يهدّد الطابع الثقافي والاجتماعي لبرامجها، باعتبارها مؤسسة وطنية لا تهدف إلى الربح.  
وبما أن هذه المؤسسات الإعلامية العمومية تعود ملكيتها للمجتمع فإنها تخضع بالتالي إلى نمط خاص من الإدارة، فالقضايا المطروحة تتعلّق بآليات تعيين المسؤولين وهو الأمر الذي يعد في اليمن أساس المشاكل ومعضلة المعضلات، لانه لا يستند على شروط ومعايير وظيفية ومهنية وحتى سياسية واضحة ولا يعتمد على أي نظام سوى رضا وقناعة الوزير المختص احيانا وفي الغالب رئيس الجمهورية.

وفي ظل الفوضى السائدة في المشهد الإعلامي نحن بأمس الحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعلام ديمقراطي ، مهني ومستقل عن التسلط الحكومي والإستغلال الفوضوي واللاأخلاقي للقطاع الخاص، إعلام يحكمه حدّ أدنى من العقلانية.  
ولذلك يجب التفكير في إعداد وثيقة قانونية مرجعية للمعايير والشروط الواضحة والدقيقة لآلية تحويل المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بقطاعاتها المختلفة إلى مؤسسة عمومية يملكها المجتمع وإخراجها من محرقة العمل الحكومي على أن تتضمن الوثيقة المرجعية تحديد مهامّ الإذاعات والقنوات التلفزيونية العمومية وأهدافها باعتبارها ملك عام للجتمع والدولة وتهدف إلى تقديم الخدمة الإعلامية لجميع مؤسسات الدولة والمجتمع وتخدم الثقافة الوطنية في إطار احترام مبدأ التنوّع الثقافي والتعدّدية السياسية وقيم الحرية وتحمل المسؤولية.       

وبناء على تجربة عملية شخصية دامت اكثر من عشرين عاما في العمل المهني التلفزيوني بالإضافة إلى أربع سنوات كمدير تنفيذي للمؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون، وبالنظر إلى أنماط العمل المؤسساتي الإذاعية والتلفزيونية السائدة في العالم أرى أنه لايمكن لهذه المؤسسة الوطنية أن تقوم بمهامها الجديدة دون تحديث هيكلتها وتطوير آليات عملها وإعادة تنظيم علاقتها مع الدولة والمجتمع بواسطة نص قانوني ولوائح تنظيمية واضحة المعالم والمضامين والأهداف تمثل أدوات لتقييمها ولمساءلتها وآلية لحمايتها من تدخل السلطة السياسية والتدخلات الفردية لذوي النفوذ.